صانع ساعات يطلق فلسفة جديدة للتعامل مع الوقت في عصر السرعة.. ويبرهن عليها بساعات ثمينة
أهداه صديقه ساعة فرانك فيلا.. فاشترى شركة فرانك فيلا بعد عدة سنوات
صانع الساعات الذي ابتكر نظرية ترجمها إلى ساعة يد ثمينة جعلت اليوم ٣٠ ساعة بدلا من٢٤ ساعة
ابتكر ساعة بعقرب وحيد للثواني ليمنح الإحساس بحركة الوقت دون التقيد بالساعات والدقائق
ترك سوريا وهو مصمم أزياء للسهرة، وعمل في عدة مهن بروسيا قبل أن يقتحم عالم الساعات
تمرد على لقب ابن الحاجة وهو مراهق، وبعد سنوات يطلق اسم “بدرية” على محل الساعات الذي يملكه في قلب موسكو.. سنوات النضج
ابتكر ساعة عكسية تتوافق مع نظام الدوران حول الكعبة وتتناغم مع النظام الكوني
اختار الشرق لإطلاق فلسفته الجديدة لأنه أكثر وعيا وتقديرا بأهمية الروح
حوار : جيهان الشعراوي
كبر الصغير في ربوع دمشق بين عشرة أشقاء هو العاشر بينهم وقبل الأخير، وحين أتم من السنوات عشر توفي والده تاركا خلفه ساعة وقلم وتركة ثقيلة عبارة عن أسرة مكونة من الأم ومعها ١١ طفلا لتجد الأم نفسها أمام مسئولية ينوء بحملها أولي العصبة من الرجال، فاختارت حملها بصدر رحب وصبر جميل وقوة فرضت بها سمعة وشهرة طيبة طاردت الفتي في كل مكان يتوجه له ليعرفه الجميع ب “ابن الحاجة”.. ذلك اللقب الذي رفضته روح المراهق المتمرد الذي كان لا يزال جرح فقدان أبيه نازفا في وجدانه، فما أن بلغ من العمر الرابعة عشر حتى أعلن العصيان مطالبا بحقه في الاعتراف بتفرده كمصمم محترف لفساتين السهرة والأفراح في المحل الخاصة بوالدته “الحاجة بدرية”.. وأصبح لقب “ابن الحاجة” متعارضا مع عنفوان موهبته النامية التي دفعته لمزيد من التمرد ليخرج من حدود دمشق متجاوزا حدود سوريا والمنطقة العربية بالكامل متجها نحو الشرق في رحلة سياحية إلى “سوتشي الروسية” لتذيبه المدينة في شوارعها وتلقنه الدرس تلو الآخر، ويجني منها الربح تلو الآخر،
ومع السنوات تصبح روسيا وطنه الثاني الذي احتضن موهبته وغرس فيه جذرا جديدا حيث تزوج وبنى لنفسه أسرة صغيرة حرص على ربطها بالوطن الأم والأم نفسها، وعلى مدر ما يقرب من عشرين عاما عمل خلالها جهاد بكورة في مجالات متعددة حتى رست به سفينته على شاطئ تصنيع الحقائب النسائية من خلال مصنع خاص به، إلا آن الرياح أتت بما لم تشته نفسه، حين توفيت والدته الحاجة بدرية ليكتشف جهاد أن هروبه وعدم رغبته في العيش في جلبابها لم يكن سوى الغلطة التي أبعدته عنها وهي الحب الأكبر في حياته. لتخور بعدها قواه ويعلن التمرد من جديد معلنا التحدي بالتخلص من ذلك المصنع الذي اعتقد أنه سرق منه الوقت الذي كان عليه أن يقضيه بجوار ست الحبايب، ولم يشفع له بره بها والتماس مباركتها لكل خطوة له في مشواره، حتى أنه أتر بها إلى روسيا مرات ومرات حتى تشاهد نجاحات ابنها المتمرد الصغير.
إلا أن الحياة يجب أن تستمر، فما كان من جهاد بكورة إلا أن يتغلب على جرحه من جديد ويعلن التحدي بالبدء من الصفر مرة أخرى بعد إغلاق مصنع الحقائب وانفاق كل ما لديه من أموال.. وكان لآخر ٥٠٠٠ دولار في جيبه قصة كانت بداية انطلاقه لمسار جديد حاول أن يغير به حياته، التي تغيرت بالفعل ليصبح أول عربي يقتحم عالم الساعات الفخمة من بوابة التصنيع والابتكار وليس من بوابة الاقتناء أو التجارة، ليصنع مسارا جديدا كفيل بتغيير الكثير من ثوابت العالم الدي نعيشه، ويروي جهاد بكورة هذه القصة خلال السطور التالية:
بعد تمردي على لقب “ابن الحاجة” قررت السفر إلى روسيا في وقت كانت تشتهر خلاله بالتوتر وانتشار العصابات، وعملت هناك في مجالات عديدة وأقمت بفندق اسمه كووزموس، نجحت من خلاله في عمل صفقات وتحصيل المال من خلال التعامل مع النزلاء من السياح وغيرهم لأثبت وجودي حتى تزوجت وفتحت مصنع للحقائب النسائية في روسيا ورغم أني شعرت وقتها أن هذا المصنع ليس هو نهاية طموحي، لكني ظللت أعمل به حتى عام ٢٠٠٤ الذي توفيت فيه أمي التي كنت شديد الارتباط بها رغم اني الطفل العاشر لها من بين ١١ طفلا وكانت وفاتها حدثا غير حياتي فقمت بغلق المصنع لأني شعرت بأنه هو الذي أضاع مني الوقت الذي كان يفترض أن أقضيه معها، وبدأت بداية جديدة لأني أدركت أن الدنيا لا تتوقف، وحتى أقنع نفسي بضرورة استكمال الحياة تعاملت مع الأمر على أنها مسافرة، وكلما حققت نجاح، أذهب لأخبرها به كما تعودت من قبل.
لهـذا السبب سميت محل الساعات الخاص بك في قلب موسكو باسم بدرية؟
فعلا.. بدرية هو اسم والدتي فهي أول مصدر لرزقي في هذه الدنيا، وستظل ويظل اسمها مصدر فخر لي مهما حققت من نجاح.
وكيف دخلت إلى عالم الساعات وخاصة مجال الصناعة وهو مجال بعيد كثيرا عن تفكير واهتمام المستثمر العربي بشكل خاص؟
لم يكن لدي اهتمام بالساعات من قبل إلا من خلال والدي رحمه الله وكان يهتم كثيرا بالساعة والقلم.. ولم التفت للأمر إلا بعد غلقي لمصنع الحقائب ثم سافرت إلى دبي وكان كل ما أملك مبلغ ٥٠٠٠ دولار، وكنت أنوي انفاقهم في رحلتي وعند العودة لروسيا أبدأ حياتي من الصفر مجددا، وقتها أهداني صديق عزيز هناك ساعة فخمة ماركة فرانك فيلا، ولكني صممت أن أدفع له ثمنها، فرفض بشدة وبعد ضغوط عديدة استسلم وأخبرني بأن سعرها ٥٠٠٠ دولار… وقتها اضطررت أدفع له كل ما معي واقترضت ثمن تذكرة العودة من صديق آخر دون أن أخبر أحد بالجنون الذي فعلته، ورجعت لروسيا مفلسا تماما إلا من الساعة، وهناك التقيت بصديق يحب الساعات ويفهم بها كثيرا، فطلب مني شرائها، فطلبت ٢٠ ألف دولار، لاكتشف بعدها أن سعرها كان أعلى من ٦٠ آلف دولار، وقتها بدأت التفكير في العمل بهذا المجال من أجل الربح المادي فقط، لكن مع الوقت بدأت أزور المصانع وأسافر عبر العالم لمعرفة المزيد عن هذا المجال خاصة في سويسرا واكتشفت أهمية هـذا المنتج بالنسبة للناس على مستوى العالم، وقمت ببيع فيلا كنت أمتلكها في سوريا مقابل ٤ ساعات من ماركة فرانك فيلا، وقمت ببيعهم في روسيا وواصلت الرحلة حتى نجحت في الحصول على وكالات لما يقرب من ٢٥ ماركة سويسرية في روسيا من خلال شركة خاصة بي، وخلال فترة بسيطة أصبحت مستشارا لعدد من الشركات الكبرى..
وقررت الدخول في مجال الصناعة حيث قمت بعمل تصميمات خاصة بي وتعاقدت مع مصانع عالمية لتصنيعها كخط إنتاج خاص، واجتهدت كثيرا في تنفيذ أفكاري لكني واجهت مشكلة مع الأوروبيين لقيامهم بمحاولة استغلال الأفكار الخاصة بي، حتى قمت بشراء شركة فرانك فيلا بالكامل عام ٢٠١٧وأصلحت ملكا لي وقمت بتطويرها وإعادة تدشينها عام ٢٠٢١، ثم التقيت بشريكي جورج الذي آمن بي بشكل قوي ونصحني بتأسيس ماركة خاصة باسم “بكورة” لأني صاحب الفكرة والتصميم والتصنيع، وبدأت بالفعل في إطلاق ماركة بكورة عام ٢٠٢٢ وهي اليوم خارج نطاق المنافسة لأني حرصت على أن يكون لدي فكرة جديدة بعيدا عن المعروض بالأسواق ومنها ماركات لها تاريخ عريق وسمعة عالمية، فكان لابد من البحث عن اتجاه جديد حتى استطيع دخول السوق والمنافسة.
وكيف استطعت أن تخرج بها من مجال المنافسة وهي لا تزال وليدة وحديثة بالأسواق في مواجهة ماركات عريقة؟
راهنت على الابتكار والابداع والأفكار غير التقليدية.. حيث قررت الاستعانة بمصمم كفيف منذ الولادة ليرسم لنا فكره واحساسه بالوقت، ثم أطلقنا اسمه على هذه الساعة، وأصبحت أبحث عبر العالم عن المصممين المكفوفين منذ الولادة ومؤخرا اتفقنا مع طفلة لبنانية عمرها ١٢ سنة كفيفة منذ الولادة لتشارك في التصميم معنا. وطرحنا تصاميم متميزة منها ساعة الوجوه التعبيرية وقامت رولكس وريتشارد ني بتقليدها.. وساعة الأميرات وكانت أول ساعة نسائية تغمز لمرتديها كل خمس ثواني، لتعديل الحالة المزاجية للمرأة.. واستغرق تصميم الميكانيزم الخاص بها خمس سنوات.
ألا يعد ذلك غريبا في وسط عالم يتجه للساعات الذكية والتكنولوجية في حين تتجه أنت لعمل ساعة تحسن من مزاجية مرتديها خلال اليوم؟
الساعات الذـكية مجرد خادم آلي موظف لخدمة الشخص، فهي مناسبة لهفي أوقات معينة حين يحتاج لموظف مساعد، لكنها لا تناسب الحياة الاجتماعية ، لذلك صممنا ساعة بمثابة صديق لإضفاء بعض الإنسانية على المنتج، فنحن نخاطب الجانب الحسي والإنساني ليستطيع المستخدم ملامسة الزمن والتفاعل معه، والإنسان في حاجة لكليهما، ووجود ساعاتي لا يلغي أهمية الساعات الذكية. وترويج الساعات الخاصة بي لا يعتمد على كونها منافسة للساعات الذكية، وبالمثل لا يجوز الترويج للساعات الذكية على أنها منافسة للساعات السويسرية، كما آنه لا يجوز أن أقارن بين مكانة الأم والزوجة والابنة، لكل منهن مكانتها ودورها ولا يمكن أن تكون بينهن منافسة.
تتنافس الماركات العالمية على تقديم أفخم الساعات وأكثرها دقة ووجاهة وتصميم وتزويدها بمهام إضافية كالتاريخ والتنبيه، لتعبر عن الوقت المعتاد، لكنك ألقيت بعدة أحجار دفعة واحدة في مياه بحيرة الوقت العالمي الهادئة.. لتضرب بنظرتك الجديدة للوقت كل الثوابت التي عرفها العالم على مدى قرون.. فما هي فلسفتك في تغيير مفهوم الوقت؟
نحن نعيش عصر التكنولوجيا والآلات الحديثة اختصرت المسافات ووفرت للإنسان الكثير من الوقت، ومع ذلك لم يعد الإنسان يجد الوقت الكافي ليحيا حياة طبيعية يستمتع فيها بروابط الأسرة والعائلة آو يمارس خلالها طقوسه الإنسانية والروحانية. فحين جئت إلي روسيا أعجبت بثقافة الناس بقضاء الوقت في قراءة الكتب في المواصلات أو الحدائق، والغرب عندما أراد إضعاف الثقافة الروسية قالوا جملة شهيرة لم أفهمها وقتها، وهي “سنُجهِّل العِلم” ولكن بعد سنوات رأيت نفس الشعب أصبح يقف مصطفا أمام الألعاب الإلكترونية، فعرفت معني تجهيل العلم، ففكرت بعمق.. واكتشفت أنه عندما تم تقسيم الوقت في عصور التأمل عن طريق حركة شمسية، وكان الشعور بسرعة الزمن ليس كالآن، فأصبح علينا إعادة تقسيم الوقت على أساس السرعة والكفاءة، وليس الحركة والدوران، واتذكر منذ ٢٥ سنة كنت أتعامل مع مصنع للحقائب الحريمي، وكان لهم شروط للبيع، بحيث كل موزع يشتري ١٠ آلاف حقيبة في الشهر يحصل على خصم ٢٠٪ ، وتقل نسبة الخصم كلما قل عدد الحقائب،
فاقترحت الحصول على خصم ٢٠٪ خلال ٦ أسابيع وليس ٤ أسابيع مقابل الكمية نفسها، وطلبوا مني مهلة لدراسة العرض ثم وافقوا في النهاية، ،من هنا بدأت أفكر في جدوى إعادة تقسيم الوقت بحيث يكون لكل دولة أو منطقة توقيتها المناسب لظروفها، وبذلك نجد حلولا لمشاكل الوقت عن طريق إعادة تقسيمه بعيدا عن التقسيم المعروف، فكما أن لكل دولة عملتها الخاصة، فممكن يكون لكل شخص طريقة متفردة في إدارة وقته. كما فكرت في سبب جعل الساعة الأكاديمية وساعة الطبيب وساعة المساج وساعة العمل الحقيقي كلها أقل من ساعة، حتى في القرآن الحول أقل من سنة، وسنة التجنيد أو السجن مدتها تسع شهور، فلماذا يستخدم العرب بل والعالم كله هذا المفهوم في كل هذه النظرية ولا يستخدمونها في اليوم العادي، وقد أصبحنا جميعا نشكو من سرعة الأيام وازدحام الحياة، وبالبحث وجدت أن هناك هدر ل ١٢ دقيقة على الأقل من كل ساعة يوميا من وقتنا وربما أكثر، فلو قلت أني نمت ٤ ساعات فقط، معناها يختلف عن جملة “نمت ٤ ساعات كاملة” وهذا يعني أن شعورنا بالوقت هو الذي يمنح الوقت قيمة والوقت نفسه محايد لا علاقة له بما نفعله فيه أو ننجزه خلاله.
هذا يعني أنك حولت الوقت من مجرد خط مستقيم تتوسطه نقطة اسمها “الآن”، وعلى يمينها يقع خط مطلق مستقيم اسمه “الماضي” وعلى يسارها خط آخر يحمل اسم “المستقبل” إلى خط محايد ونسبي؟ وما قولك في الشعور بسرعة مرور الأوقات السعيدة، ومرور الوقت السيء ببطء شديد؟
نعم هـا حقيقي، فالوقت محايد لا علاقة له بما نعمل، نحن من نقوم بإضفاء صفات ومسميات عليه حسب شعورنا بما نفعله، وبـذلك يمكن إطالة الوقت بتكثيف المشاعر أو الإنجازات الإيجابية. فالله سبحانه وتعالى حين خلق الإنسان أعطاه نعمتان هما الوقت والإحساس معا، وقد كتبت كتابا كاملا عن فكرة تلاشي الزمن،
تخيلي لو استيقظنا يوماً ووجدنا كل الساعات متوقفة عن العمل، واكتشفنا إن الله سبحانه وتعالى سحب الوقت من الكون أو سلب منا الإحساس بالوقت فلا ماضي ولا لحظة حالية ولا مستقبل.. فكيف نستطيع أن نعيش؟ وقتها سنكره هذا الوضع بالتأكيد وسندرك أهمية الوقت ونسبيته. فالوقت هو الحياة، وكل شخص يمكن إن تكون له مطلق الحرية في تقسيم وقته كيف يشاء. ففي عصر السرعة أصبحنا في حاجة لتغيير نظرتنا وطريقة تعاملنا معه، فالوقت كائن وجودي كما يراه الفلاسفة، وعن نفسي أرى أن أكبر كذبة بالعالم عشنا فيها هي كذبة الثانية والدقيقة والساعة، فهل من الممكن لأحد آن يجمع ثانيتين في وقت واحد؟ فكيف يمكن جمع ٦٠ ثانية في دقيقة؟
هو ليس جمع بل حصر لتكوين الـدقيقة عبارة عن ٦٠ ثانية لتمييز فترة زمنية..!
تمام، هل هـذا يعني آن الدقيقة هي الثانية ال ٦٠ أم آنها ٦٠ ثانية؟ فنحن في الحقيقة لا يمكننا جمع الثواني آو حصرها، لكننا نحصر الوقت الذي استغرقه وقوع حدث ما. لذلك حين تحدثت مع شركائي السويسريين، بما إننا شرقيين ولنا فكرنا المختلف عن فكرهم، فقد شرحت لهم فكرتي في تحويل الساعة من مجرد آلة إلى كائن متفاعل ومحفز، لتجاري لغة البشر وتستطيع التواصل معهم، ولم يكن همنا هو دقة الساعة وقدرتها على حساب الوقت، فهذه العملية أصبحت سهلة بوجود الهواتف المحمولة، لكن الهدف هو تحويلها لمحفز ومذكر لمن يحملها ببعض الأمور الهامة في حياته. وحين اشتريت شركة فرانك فيلا وكانت ولا زالت إحدى الماركات العالمية الكبرى تنافس الروليكس وباتيك فيليب وجاكمان جميع هذه الماركات يتم تصنيعها في نفس المصنع الذي تصنع به فرانك فيلا وبكورة، والآن أجري عليها تطوير بإضفاء لمسات من سحر الشرق الذي يميز حضارتنا الشرقية التي ندرك من خلالها قيمة الروح بالنسبة لنا، لـذلك قدمت من خلال ساعاتي مفهوم جديد جعلها خارج مجال المنافسة مع الساعات السويسرية الأخرى، وهنا أنا آخذ بالأسباب، فاستخدم أفكاري وتصميماتي لأقدم من خلالها حلولا لمشكلاتنا اليومية، فالحلول موجودة بالكون ولا يوجد شيء خارجه، فالهدف من توفير الوقت هو إيجاد فرصة لأنفسنا في هذا الزحام لنستمتع بالأشياء التي تأثر إحساسنا بها وسط سرعة الحياة، مثل الأسرة والأبناء والأهل، وهـذا يحفز العقل الباطن نحو مزيد من النجاح والانجاز، لأن العقل الباطن يدرك أن الساعة ساعة ولا يهمه الساعة كام دقيقة.
نحن في عصر يسعى صناع التكنولوجيا لتقديم ساعات ذكية وأجهزة وتطبيقات تخدم الإنسان ليعتمد عليها في كل شيء حتى في معرفة حالته الصحية ليصبح مع الوقت إنسان آلي أسيرا لها، وتأتي أنت لتقدم منتج يحفز الإنسان ويعيده لروحه وتسعى لتغيير مفهومه للوقت وإعادة ترتيب أولوياته في الحياة والاستمتاع بالنعم التي يملكها قبل مُضي العمر، ألا يمثل ذلك تهديدا للتكنولوجيا الحديثة التي تستهدف السيطرة على ذهن الإنسان لإضعاف ذاكرته وقدراته باعتماده على التكنولوجيا؟
نحن لا نعادي التكنولوجيا الحديثة نحن نلفت انتباه البشر إلى أن الله سبحانه وتعالى سخر له الكون كله، فالقرآن يخبرنا بأن الإنسان هو قائد هذا الكون المسخر له، ويوصينا بمعرفة أنفسنا، لكن الغرب لا يدرك هذه الحقيقة كما يدركها الشرقيون، بل ويحاولون بكل الطرق تحويل الإنسان إلى أسير للتكنولوجيا التي ينتجها الغرب، وهذه المفارقة كانت مثار جدال مستمر بيني وبين شركائي السويسريين، هم يرون أني كمن يدخل سباق مع اللامبورجيني وتسلا وبورش بحصان حي، لكني أجيبهم بأن ما أفعله هو بمثابة تركيب أجنحة للحصان ليدخل هذا السباق بحيث لا تستطيع سيارة أن تلحقه وأن أحساس فالأحاسيس هي نفسها تلك الأحاسيس التي ولدنا بها وهي طريقة تعبيرنا عما نشاهده، لكنهم في النهاية اقتنعوا بفكرتي حين شرحت لهم نظرتنا الشرقية وقيمة الروح في حضارات الشرق، والآن اصبحوا أول الداعمين لأفكاري.
نعيش حاليا عصر علوم الطاقة وعلوم التنمية البشرية التي تدعو الإنسان للعودة للتأمل والتواصل مع مصدر الروح وذاته العليا، وتشمل هد الدعوة التخلص من ساعات اليد التي تفقد الإنسان شعوره بالسلام النفسي وتدفعه للتوتر والقلق.. كيف ترى هذه الدعوات؟
هؤلاء يحثون الناس على الخروج عن الأطر والحدود التي تكبلهم ليبحثوا عن الروح من أجل التواصل معها ويتحرروا من أسر المادة، لكننا في الشرق ندرك في داخلنا أن الحياة كي تستقيم تحتاج إلى ضوابط، ندرك أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولو رجعنا لكلام الله لوصلنا ليقين بأننا نستطيع أن نغير نظرتنا للواقع وللوقت والحياة ونستمتع به في ظل الضوابط المنظمة لها، فلا داعي للهروب من الحياة مبكراً لأننا سنغادرها حتما ذات يوم.. فقد أعطانا الله هذه النعم من الصحة والوقت والمال والأبناء لنسعد بهم في الحياة، لماذا نهرب منها، فقبل أن يطالبونا بالتأمل في الفضاء الخارجي، علينا أن نتأمل أولاً في أنفسنا وفي مكاننا بالكون والنعم التي نملكها.
نفس مفاهيم علوم الطاقة والتنمية البشرية توضح أن الماضي رحل دون عودة، والمستقبل مجرد أفكار لم تحدث بعد، فلا داعي للندم على الماضي ولا القلق من المستقبل، وليكن التركيز على الحاضر لأنه الحقيقة الوحيدة التي يمكن إدارتها واستخدامها في التغيير.. أرى أن نظريتك ربما تسير في نفس الاتجاه..!
اتحفظ بداية على مفهوم التنمية البشرية لأنه لا أحد يملك تنمية البشر، لكن نستطيع القول أنها طريقة لتوعية البشر بالثروات التي يمتلكونها ولا يحسنون إدارتها، وأعتقد أنه لا يوجد ماضي ولا مستقبل ولا حتى يوجد حاضر، فالحاضر أو الآن في نظري ليس إلا لحظة متكاثرة وليست متكررة، فاللحظة تأتينا محايدة ولو حملناها نحن بحقيبة “الماضي” سنكون معرضين للشعور بالتعب والإرهاق، اللحظة الجديدة هي بداية وفرصة جديدة، لماذا نفسدها بتحميلها بذكرى قديمة آو بأفكار متعلقة بالمستقبل، علينا الاهتمام باللحظة الجديدة ماذا ستحمله ثم نتركها ترحل في سلام دون التشبث بها، فحين أقول لا إله إلا الله، فقد حملت الجملة على هذه اللحظة وحصلت على ثوابها ومضت، وقد توقفت كثيرا أمام آية “لاتزر وازرة وزر أخرى” فالوزر هو لحظة نرتكب فيها فعل سيء، وإذا مضت، لا يجب أن نحمل اللحظة التالية لها وزرها في شكل شعور بالندم، طالما أدركت الخطأ واستغفرت عنه فقد انتهى بلا عودة. فكما أنه لا أحد يمكن عقابه نيابة عن أحد، فلا يمكن أيضا أن نعاقب لحظة جديدة بتحميلها وزر لحظة مضت لـذلك فالندم لا محل له. وحين فكرت في إشكالية “لماذا الوقت اسمه مذكر بينما المسميات التي تعبر عنه مثل ساعة ودقيقة وثانية كلها مؤنثة؟” وجدت الإجابة ببساطة.. لأن الوقت يُولد.. فكل ثانية جديدة تولد من رحم ثانية قديمة انتهت.. ومجموع هذه الثواني يمثل الرصيد الكامل الذي منحه الله سبحانه وتعالي لكل شخص في الحياة ونحن نصرف منه كل لحظة ولا يعرف أحد كم هذا الرصيد ولا متى سينتهي.. واليوم الذي ندرك فيه هذه الحقيقة، سنصبح قادرين على فك شفرة الوقت، وقادرين على التحكم في استدعاء اللحظات السعيدة من الماضي دون غيرها فاحمل اللحظة الحالية بذكرى سعيدة وأكون بذلك ضاعفت شعور السعادة في لحظتين واحدة مضت واللحظة الحالية، والعكس صحيح بالنسبة للذكريات المؤلمة، وسنعرف كيف نحسن استغلال الرصيد المتاح لنا من الوقت دون إهداره، وهنا أرى أن هذه العلوم الحديثة تخطئ حين تطلب من الناس التركيز على اللحظة الحاضرة، في حين أنه يجب أن نعلمهم التركيز على ما يجب أن أعطيه لهـذه اللحظة.
وكيف حللت هذه الإشكالية بتحويل اليوم إلى ٣٠ ساعة بدلا من ٢٤؟
لقد اكتشفت إن ما يمكن أن يؤديه الإنسان في ٦٠ دقيقة يمكن أن يؤديه في ٤٨ دقيقة، بحيث يتم استقطاع ١٢ دقيقة من كل ساعة من ساعات اليوم، لنجد في النهاية اليوم تحول ل ٣٠ ساعة بزيادة ٦ ساعات في اليوم بما يعادل ٢١٩٠ ساعة في السنة، وبـلك يتم توفير ٢٥٪ من وقتنا، وصممت ساعة مزدوجة توضح النظامين النظام القديم والجديد الذي وأطلقت عليه “نظام النون” وعداد يخبر المستخدم بمدة الفارق الزمني بين التوقيتين بالضبط .. ليستطيع المستخدم حساب كم الوقت المتبقي لديه من اليوم.
وما الفائدة من هذا الازدواج ومن هذه العملية نفسها؟
الفائدة تظهر مع استخدام الشخص للساعة حيث يستطيع تقسيم وقته بالطريقة التي تناسبه ويوزع الوقت المتبقي على اهتماماته الأخرى وإنجاز ما يريد، وفي نفس الوقت هو لا ينعزل عن التوقيت العادي المعتمد في منطقته الجغرافية، ففي البداية حين يشعر بأن الوقت يمضي ويجب أن ينهي عمله في ٤٨ دقيقة بدلا من ساعة، سيقوم بالتركيز وعدم إهدار الوقت، وهذا يمثل نوع من أنواع التحفيز البصري والنفسي للإنسان لدفعه لإنجاز مهامه في الوقت المناسب بدون إهدار للوقت، وهي نظرية متمثلة في الحافز المنبه الذي يذكرنا بأن الوقت يتسرب. لنتمكن من ترشيده واستغلاله بالشكل الأمثل.. ومن يعتاد على ارتداء مثل هذه الساعة لمدة عام كامل، يجد نفسه مع الوقت يقدر قيمة الوقت ويدرك كيف يستغله ولا يسمح لأحد بعد ذلك أن يسرق منه وقته الذي أصبح يخصصه لعائلته مثلا أو لممارسة هواية أو عبادة يحبها.
هل تدرك أن هذا النظام إذا تم تطبيقه كفيل بهدم الكثير من الثوابت العلمية التي تم على أساسها وضع الكثير من السياسات والبرامج العالمية وفي مقدمتها نظام خطوط الطول والعرض الذي جعل خط جرينيتش يمر عبر لندن بالتحديد لثقل وزنها السياسي في هذه العصور؟
نعم، أدرك ذلك تماما، وأؤمن بأن هذا النظام أنا وضعت نقطة بدايته فقط ولن يتوقف عند هذا الحد، وسيأتي من بعدى ناس ربما يجعلون الساعة أقل من ٤٨ دقيقة. فخطوط الطول والعرض الحالية هي بالأساس خطوط وهمية وضعها بشر في أوضاع وظروف معينة، وتغييرها ليس جريمة بل ربما أصبح حتمية مع التطور والسرعة التي نعيشها والسرعة التي نعيشها.. ومع ذلك فقد اخترت أن أسير بطريقة معينة لأني أعرف أن الغرب سيرفض هذا الأمر لمجرد أنه صدر من الشرق، تماما كما أنهم يعادون الأديان السماوية لمجرد أنها نزلت في بلاد الشرق، ولكن الفكرة هي أني اعتمدت على طريقة عمل تشبه طريقة انتشار النشيد الوطني السوري، الذي ألفه أخوين من عائلة فليفل من لبنان، ورفضت الحكومة إذاعته، ولما ذهبوا لرئيس النواب فارس خوري وقتها عام ١٩٢٨، أخبرهم أنه سمع النشيد ونصحهم بأن يعلموه للأطفال بالمدارس وللناس بالطرقات، وفعلا اضطرت الحكومة لأذاعته في النهاية، وهذا هو المنهج الذي اتخذه، عن طريق شرح الفكرة وفوائدها وكيفية تطبيقها للناس، ليصبح لها جمهور من المؤيدين والمؤثرين في المنطقة العربية والشرق بالتحديد لأنهم أكثر تقديرا لقيم الروح والحضارة من الغرب الذي يؤمن بالماديات ويسعى للتحلل من كل الضوابط والقيود بما فيها الأديان السماوية.. ولو نجحنا في إحداث هذا التغيير بمرور الوقت واستطعنا التحكم بالوقت، سنعيد صولجان الريادة للحضارة العربية ونكون قد تركنا لأبنائنا إرث قيم يعيد لهم قيمتهم ومكانتهم أمام العالم كله.
أقدر تماما هذا الهدف، لكن هل ترى أن الغرب سيسمح لمثل هذا التغيير بالحدوث ليهدد الإرث التاريخي الذي ظلوا يشيدونه على مدى قرون مضت على مستوى العالم ورسموا من خلاله حدود الدول التي تم استعمارها بناء على خطوط الطول والعرض الوهمية؟
نحن لم نهدد أي شخص، نحن فقط بدأنا نضع المؤشر الخاص بكلمة ساعة على كل ٤٨ دقيقة، بدلا من كل ٦٠ دقيقة. وهو أمر مسموح لنا كأشخاص أو كإقليم، فكل شخص حر في اتباع أي نظام يريده طالما لا يضر أحد، وطالما ملتزم بالأخلاقيات العامة، فما الذي يضر الآخر إذا ما كانت ساعتي مضبوطة على موعد سابق لساعته بساعتين مثلا، المهم أني ألتزم بمواعيدي، ومع ذلك لا يمكن أن ننكر أن بالغرب هناك ناس يدركون جيدا أن للشرق سحره وحضارته ولديه قدوة على الإبداع، ويعلمون قدر ابن سينا والفارابي وغيرهم، فما يهمني اليوم ليس ما الذي سيفعله الغرب اليوم، بل يهمني ما الذي سيفعله أبنائي غدا.. فليفعل الغرب ما يفعل، وعلى فقط أن أقوم بدوري، أما الصعوبات فأرى دائما أنها الضوء الأخضر بالنسبة لي.
ماذا عن الساعة ذات العقرب العكسي؟
لا أخفي أني منذ زمن وأنا مسحور ومهووس بفكرة الوقت، وألفت كتب عديدة بأسلوب مختلف أشرح فيها فكرة الوقت باستفاضة، واستغرقت فترات طويلة أدرس خلالها الكثير من المفاهيم الخاصة بالوقت في ثقافتنا، وأدركت أن لدينا كنوز معرفية في ثقافتنا وفي القرآن لو استطعنا تقديمها بشكل جيد للعالم سنعيد مكانتنا بسهولة أمام العالم، وعملت على إعادة تسمية الأوقات بمسميات أخرى للتحفيز، واكتشفت وجود كذبة كبيرة في عملية تسمية الوقت بالتعداد التصاعدي، الذي يجعلنا نشعر بأننا ننمو آو نكسب كلما مر الوقت، فحين تتقدم الساعة من الواحدة للثانية للثالثة، يشعر الإنسان شعورا وهميا بأنه يكسب وقتا ويقنعه عقله الباطن بذلك وهذا كذب، ففي الحقيقة كل ساعة تمر يخسرها الإنسان من عمره الـذي منحه الله له. ولهذا صممت ساعة تمشي بطريقة عكسية من اليسار لليمين، وتبدأ بالساعة الثانية عشر، ثم تتناقص لتصبح الحادية عشر ثم العاشرة، ليظل الشخص يقظا بالمدة المتبقية له من اليوم ولا يشعر بالشعور الزائف بامتلاك الوقت.. فخوف الإنسان من فقدان شيء يدفعه باستمرار للحفاظ عليه والشعور بأهميته.
في حركة الطواف حول الكعبة يكون عكس اتجاه عقارب الساعة، لكن مع هذه الطريقة العكسية، تتوافق عملية الطواف مع اتجاه الدوران حول الكعبة.. هل لهـا دلالة معينة في نظريتك الخاصة بالوقت؟
الصحيح هو أن دوران عقارب الساعة عكس اتجاه الدوران حول الكعبة وليس كما يقول البعض أن الطواف حول الكعبة يكون عكس اتجاه عقارب الساعة. فالدوران حول الكعبة أقدم وأرسخ من ابتكار الساعة نفسها، ويكون الطواف بحيث تصبح الكعبة على الجهة اليسرى للشخص، وهي محل وجود القلب في جسم الإنسان، وهناك قاعدة معروفة بالأسواق، وهي أن المحلات التي تقع في الجهة اليسار من الشارع تكون أعلى في أسعارها من المحلات التي تقع على الجهة اليمنى، لأن عين الإنسان تقع بشكل تلقائي أكثر في اتجاه اليسار. لذلك فالفكرة التي قدمتها من خلال الساعة العكسية هي فكرة تتسق تماما مع ثقافتنا الشرقية وكفيلة بأن تعيد لنا الشعور بالتناغم مع شعائرنا ومع حركة الكون وبأهمية الوقت الذي يمثل أعمارنا التي وهب الله سبحانه وتعالى لكل منا قدر معين من الوقت لنعيشه في الأرض وعلينا آن نحترم هذه المنحة لأنها تمثل أعمارنا التي سنسأل عنها.
لقد خرج الأمر من إطار صناعة ساعات ليدخل في اتجاه نظرة فلسفية عميقة تمكد تكتمل أركانها، وتجمع ما بين النظرية والتطبيق، فتتخطى مسألة صناعة ساعة فخمة إلى صناعة واقع إنساني أكثر وعيا وإدراكا واستمتاعا بالحياة في عصر تحولت فيه الرأسمالية المادية لحبل يلتف حول أعناق البشرية ليزيدها اختناقا.. فهل يمكن لهذا النوع من الساعات التي تستهدف تغيير رؤية الإنسان للوقت الذي أصبح مهدرا ولا تختلف في هذا ساعات الليل عن ساعات النهار، فهل يمكن لهذه الساعات بمفهومها هذا إن يكون لها تأثير لاستعادة ضبط الساعة البيولوجية للإنسان؟
أكيد مليار بالمائة، فالشعور هو أمر داخلي وخاص بكل شخص ويمكن أن يكذب ويكون غير حقيقي، إما الإحساس فهو أمر كوني ولا يكذب، فحين أرى الشمس بعيني وهي “حاسة النظر” أو تلمست المياه بحاستي التذوق أو اللمس، فهذه أحاسيس نتج عنها معلومات مؤكدة، لكن عندما تشرق الشمس ويراها كل منا، هل سيسعر تجاهها بنفس الشعور؟ بالطبع لا.. فكل منا لديه نفس الوقت ولكن كل شخص يتكون لديه شعور مختلف به.. وهكذا بالنسبة للساعة البيولوجية للإنسان، فنوع الوقت مرهون بمشاعرنا وهذا ينعكس أيضا على طاقة الشخص الآخر، فحين نشعر براحة وانفتاح معه تسير الطاقة في الاتجاهين متبادلة حتى أنه قد يجد حلولا لبعض مشكلاته أثناء حوارنا معه، وهذا ما يسمى ببركة الوقت٫ فالوقت حيادي يعطيه الله لكل الناس، لكن هناك أشخاص يوفقون في عملية فك شفرة الوقت وتصير مساحته كبيرة جدا وطاقته كلها مسخرة للشخص فينجز خلال دقيقة ما ينجره غيره خلال ساعة، وهناك أشخاص حققوا إنجازات كبيرة خلال وقت قياسي، بينما استغرق غيرهم سنوات أطول لتحقيقها،
والساعة البيولوجية جزء من تكوين الإنسان، عندما يتم ضبط ايقاعها وفهم طبيعتها يمكن للإنسان تحقيق ما لا يتخيله. فقد صممت ساعة عبارة عن عقرب ثواني فقط بدون عقرب دقائق ولا ساعات، فقط تُشعر مرتديها بحركة الزمن، وهي بالتالي تحفزه حتى تُحيي شعوره الذاتي بالوقت، وبدلا من أن يقوم بضبط منبه ليوقظه، فالأفضل أن يتم ضبط ساعته الداخلية ليستيقظ في الوقت الذي يريده بدون المنبه. لكن قبل أن أطلب منه ذلك لابد أن أشرح له عظمة هـذه الخطوة ليكتشف مع الوقت قدرته الداخلية على القيام بها بدون الحاجة لمساعدة من الخارج. ولو نظرنا في القرآن سنجد آن فكرة السمو والتأمل في الكون والتعالي على العالم المادي موجودة في الأمر الإلهي لنا بالتسبيح الـي يعني التنزيه والتسامي “سبح اسم ربك الأعلى” و ” سبح ربك بالغدو والآصال” وهذه العبادة نتيجتها أنها شعرنا بالرضا عن الواقع لنستمتع به.
كيف تقبل السوق الروسي فكرة الساعة ٣٠/ ٢٤ ؟
السوق الروسي متقبل لمنتجاتي عموما، ولقبي في روسيا ” الحصان الغامض آو الجامح” ولدي محل خاص في قلب موسكو يحمل اسم بدرية، إلا أني لم أطرح فكرة الساعة ٣٠/ ٢٤ في روسيا حتى الآن لأني فضلت أن أبدأ طرحها في الشرق وليس الغرب، لإيماني بأن دول الشرق ستكون أقرب أكثر استيعابا لهذه الفكرة على العكس من الغرب، لذلك بدأت بدول الخليج وخاصة السعودية لأن تجربتها في التغيير الجذري كانت ملهمة لي بالفعل وشعرت بأنهم أصبحوا أمثر تقديرا لقيمة الوقت الذي يحاولون استغلاله بكل الطرق الممكنة لتعويض ما فاتهم، ثم مصر وتركيا ثم روسيا، ومن بعدها الدول الغربية. كما أني قصدت أن يقال بعد سنوات أن هذه الفكرة صدرت من الشرق سواء من سوريا أو مصر أو من الخليج وليس من روسيا ولا من أوروبا ولا أمريكا.
وما خطتك في التواجد في المنطقة العربية؟ وقد لاحظت في الترويج اعتمادك على تصدير الهوية السورية العربية بشكل رئيسي..!
التواجد بالمنطقة العربية هدف أول ولكن التواجد لن يكون بالشكل التقليدي للتسويق والدعايا، لإني لا أسعى لترويج سلعة، بل ترويج لفلسفة ورؤية وطريقة حياة جديدة، ولم أقصد التركيز على الهوية بل كانت هي رؤية الإعلام، فأنا دمشقي الهوية وولدت وعشت بسوريا أول ١٥ سنة من عمري، وخرجت منها لأعيش في روسيا ثم عملت بالسوق الأوروبي، يعني جمعت بين الثقافات الثلاث، ورغم انتمائي لمفهوم القبيلة لأنها تعني الجذور والأصل لكني منفتح على كل الحدود، فأمي سورية وزوجتي روسية وعملي وأصدقائي وشركائي بسويسرا، واعتبر نفسي نتاج هذه الثقافات ومنها خرجت بهويتي الخاصة التي تحمل اسمي “جهاد بكورة” العابرة للحدود، كإنسان حلم بأن يترك بصمة في هـذا العالم، ولهذا تأتي أفكاري غير معتادة، فقد أسست لأول مرة في التاريخ مشغل لصناعة الساعات بالعالم وحصلت على الفكرة عن براءة اختراع،
أتحت من خلاله لأي عائلة أن يكون لها براند خاص باسمها، ونقوم بتصنيع ساعات للأسر والشركات والمؤسسات الكبرى تحمل اسم العائلة أو الشركة وشعارها، لأرسخ مفهوم “ساعاتي العائلة” على غرار طبيب آو جواهرجي العائلة، وصنعنا بالفعل ساعات لأسر شهيرة في الصين وغيرها من الدول، والفكرة هنا أننا نظرنا للشخص القادر على شراء ساعة بمليون دولار على آنه “شخص فوق البراند” أي شخص صالح لأن يكون هو البراند وهو الذي يضفي قيمة على أي شيء يرتديه حتري لو كان بسيط أو براند غير مشهور، ليس الشخص الـي يبحث عن البراند لارتدائه لتضفي عليه قيمة “تحت البراند”، وهذا في حد ذاته يعطينا الحق الآن في اختيار أصدقائنا والطريقة التي نروج بها منتجنا بما يتناسب مع الأفكار المتفردة، لذلك لا أحبذ اعتماد فكرة تقديمي على آني البطل الذي اقتحم الأسواق الغربية لمحاربتها، فآنا لم احارب الغرب، أنا فقط أحاول ترويض الوقت ليتمكن الناس من استخدامه بالشكل الأمثل، وأحاول كسر حاجز الأفكار الغدبية بالثقافة الشرقية، هذا كل ما أسعى له. فالشرق دائما له وضع وسحر خاص.
ماذا عن فكرة الضمان الخاصة بالمنتجات الخاصة بك؟ هل صيغة الضمان لسبع سنوات وضمان استرداد ٦٠٪ من السعر في حالة الرغبة في إعادة بيع الساعة معتمدة في مجال الساعات أم أنها من بنات الأفكار أيضا؟
بل هي من بنات أفكارنا أيضا، ضمان واسترداد نسبة ٦٠٪ أول مرة تحدث بالعالم، حيث لاحظنا أن أي شخص قادم على شراء مثل هذا المنتج الباهظ يتردد كثيرا خوفا من التعرض لحالات نصب أو خداع، فكيف يضمن أنه سيحصل على منتج أصلي له قيمة تساوي المبلغ المدفوع، لهذا نعطيه ضمان بحيث لو أراد إعادة الساعة خلال سنة فيحصل على ٦٠٪ من سعرها أو يستبدلها بأخرى جديدة، وهذا لأننا نثق في منتجنا كما أننا لا نصنع من التصميم كميات كبيرة، أحدث. ولدينا ضمان السبع سنوات وضمان الرضا، كلها أنظمة تتيح للعميل مميزات عديدة بحيث يمكنه تجديد الساعة آو تغييرها بالأحدث منها أو بأخرى بلون مختلف، وضمان الأحلام نقوم بدراسة إمكانية تنفيذه قانونيا حسب قوانين الدول، ومضمونه أن من يشتري ساعة نلتزم بإعادة ثمن الساعة له خلال ١٠ سنوات بمعدل ١٪ كل شهر.